الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ***
هذا الأعرف في ترجمته، وقال سيبويه: باب الإضافة. ويحدث بالنسب ثلاثة تغييرات: الأول: لفظي، وهو ثلاثة أشياء: إلحاق ياء مشددة آخر المنسوب إليه وكسر ما قبلها، ونقل إعرابه إليها. والثاني: معنوي، وهو صيرورته اسما لما لم يكن له. والثالث: حكمي، وهو معاملته معاملة الصفة المشبهة في رفعه المضمر والظاهر باطراد. وقد أشار إلى التغيير اللفظي بقوله: ياء كيا الكرسي زادوا للنسب... وكل ما تليه كسره وجب يعني: أنهم إذا قصدوا نسبة شيء إلى شيء زادوا آخر المنسوب إليه ياء مشددة "كيا الكرسي" مكسورا ما قبلها كقولك في النسب إلى زيد: زيدي، ولم ينص على أن إعرابه ينقل إليها لوضوحه. ثم إنه قد ينضم إلى هذه التغييرات في بعض الأسماء تغيير آخر أو أكثر، فمن ذلك ما أشار إليه بقوله: ومثله مما حواه احذِفْ وتا... تأنيث أو مدته لا تُثْبِتَا يعني: أنه يحذف لياء النسب كل ياء تماثلها في كونها مشددة بعد ثلاثة أحرف فصاعدا وتجعل ياء النسب مكانها، كقولك في شافعي: شافعي، وفي مرمي: مرمي. يقدر حذف الأولى وجعل ياء النسب في موضعها. فإن قلت: فهل يظهر لهذا التقدير أثر لفظي؟ قلت: يظهر أثره في نحو بخاتي جمع بختي -إذا سمي به- ثم نسب إليه، فإنك تقول: هذا بَخَاتِي مصروفا. تنبيه: لا فرق في ذلك بين ما ياءاه زائدتان كشافعي، وبين ما إحدى ياءيه أصلية كمرمي "هذا هو الأفصح، وفصل بعض العرب، فقال في المرمي: مرموي؛ لأن ثاني ياء به أصلية، وسيأتي". وقوله: "تا تأنيث" يعني: أنها تحذف أيضا لياء النسب، فيقال في النسب إلى مكة: مكي؛ لئلا يجمعوا بين علامتي تأنيث في نحو: امرأة مكية. وقول العامة: درهم خليفتي -لحن. وقوله: "أو مدته" يعني: أن ألف التأنيث المقصورة، وهي إما رابعة أو خامسة فصاعدا، فإن كانت خامسة فصاعدا حذفت وجها واحدا، كقولك في حبارى: حُباري، وفي قبعثرى: قُبعثري، وإن كانت رابعة في اسم ثانية متحرك حذفت كالخامسة كقولك في جَمَزَى: جَمَزِي، وإن كان ثانيه ساكنا فوجهان: قلبها واوا وحذفها. وقد أشار إليها بقوله: وإن تكن تربع ذا ثان سَكَنْ... فقلبها واوا وحذفها حَسَنْ مثال ذلك حبلى، فتقول على الأول: حبلوي، وعلى الثاني: حبلي. تنبيهات: الأول: يجوز مع القلب أن يفصل بينها وبين اللام بألف زائدة تشبيها بالممدود. الثاني: ليس في كلام الناظم ترجيح أحد الوجهين على الآخر، وليسا على حد سواء، بل الحذف هو المختار، وقد صرح به في غير هذا النظم. الثالث: شذوا في بني الحبلى من الأنصار، فقالوا: الحبَلى -بفتح الباء. لشبهها الملحق والأصلي ما... لها....................... يعني: أن الألف الرابعة إذا كانت للإلحاق نحو علقى، أو منقلبة عن أصل نحو ملهى، فلها ما لألف التأنيث من نحو حبلى من القلب والحذف، فتقول: علقوى وملهوى وعلقى وملهى. فأشار بقوله: ................................ وللأصلى قلب يُعتمى إلى ترجيح القلب في المنقلبة عن أصل، فملهوى أفصح من ملهى، يقال: اعتماده يعتميه، إذا اختاره، واعتامه يعتامه أيضا. قال طرفة: أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي... عقيلة مال الفاحش المتشدد تنبيهات: الأول: أراد بالأصلي المنقلب عن أصل واو أو ياء؛ لأن الألف لا تكون أصلا غير منقلبة إلا في حرف وشبهه. الثاني: تخصيص الأصلي بترجيح القلب يوهم أن ألف الإلحاق ليست كذلك، بل تكون كألف التأنيث في ترجيح الحذف؛ لأنه مقتضى قوله: "ما لها"، وقد صرح في الكافية وشرحها بأن القلب في ألف الإلحاق الرابعة أجود من الحذف كالأصيلة، لكن ذكر أن الحذف في ألف الإلحاق أشبه من الحذف في الأصلية؛ لأن ألف الإلحاق شبيهة بألف حبلى في الزيادة. الثالث: لم يذكر سيبويه في ألف الإلحاق والمنقلبة عن أصل غير الوجهين المذكورين، وزاد أبو زيد في ألف الإلحاق ثالثا وهو الفصل بالألف كما في حبلاوي، وحكي في أرطى أرطاوي، وأجازه السيرافي في الأصلية، فتقول: ملهاوي. والألف الجائز أربعا أَزِلْ......................... إذا كانت ألف المقصور خامسة فصاعدا حذفت مطلقا سواء كانت أصلية أو كانت للتأنيث أو للتكثير نحو: مستدعى، وقرقرى، وقبعثرى، فتقول: مستدعيّ، وقرقريّ، وقبعثريّ. تنبيهان: الأول: إذا كانت الألف المنقلبة عن أصل خامسة بعد حرف مشدد نحو معلَّى. فمذهب سيبويه والجمهور الحذف، وهو مفهوم من إطلاق الناظم، ومذهب يونس جعله كملهى، فيجيز فيه القلب وهو ضعيف، وشبهته أن المضعف بإدغام في حكم حرف واحد فكأنها رابعة. الثاني: قد ظهر مما تقدم أن قولهم: مصطفوي خطأ، والصواب: مصطفى "وتقرير" النسب إلى المقصور أن تقول: إن كانت ألفه خامسة فصاعدا حذفت مطلقا خلافا ليونس في نحو معلى، وإن كانت رابعة، وهي ثلاثة أقسام: ألف تأنيث، وألف إلحاق، وأصلية. فألف التأنيث إن كان ثاني ما هي فيه متحركا حذفت، وإن كان ساكنا "ففيه" ثلاثة أوجه: الحذف. والقلب بلا فصل. والقلب مع الفصل، وأجودها الأول ثم الثاني ثم الثالث. وألف الإلحاق فيها الأوجه الثلاثة، وأجودها على رأي القلب. والأصلية: فيها وجهان، وعلى رأي السيرافي ثلاثة، أجودها القلب إلا أن الحذف في الملحقة أشبه منه في الأصلية. وإن كانت ثالثة قلبت واوا مطلقا كقولك في فتى وعصا: فتوي وعصوي. فإن قلت: لم يصرح في النظم بحكم الألف الثالثة فمن أين يؤخذ؟ قلت: لما بين ما يحذف، علم أن ما عداه لا يحذف، بل يقلب. وقوله: ................................. كذاك يا المنقوص خامسا عزل يعني: أن المنقوص إذا نسب إليه حذفت ياؤه إن كانت خامسة فصاعدا، فتقول في معتد ومستعل: معتدي ومستعلي. تنبيه: إذا نسبت إلى محيي اسم فاعل حيا يحيى، حذفت الياء الأخيرة لأنها خامسة فتصير: محييي -بأربع ياءات- فيجوز فيه وجهان: أحدهما: أن تعامله معاملة قصي فتقول فيه: محوي كما تقول: قصوي، وسيأتي بيانه. والآخر: ألا تغيره ويغتفر الجمع بين أربع ياءات، فتقول: محييي. وقول ابن الحاجب: "وباب محيي جاء على محوي ومحييي كأمييي". وفي التنظير نظر؛ لأن أمييا شاذ، وأما محييي فهو وجه قوي. قال مبرمان: سألت أبا العباس: هل يجوز أن يحذف من محيي ياء لاجتماع الياءات؟ فقال: لا؛ لأن محييا جاء على فعله، واللام تعتل كما تعتل كما تعتل في الفعل. قال: والاختيار عندي محييي؛ لأني لا أجمع حذفا بعد حذف. ومن قال: محوي، يجب عليه مهيمي، وهذا هو الذي ذكره سيبويه. انتهى. والحذف في اليا رابعا أحق من... قَلْب وحتم قلب ثالث يَعِنّ يعني: إذا نسب إلى المنقوص فإن كانت ياؤه خامسة فصاعدا حذفت كما تقدم. وإن كانت رابعة فالأجود حذفها أيضا، فتقول في النسب إلى قاض: قاضيّ. وقد تقلب واوا بعد فتح ما قبلها، فيقال: قاضويّ، وعليه أنشدوا: فكيف لنا بالشرب إن لم يكن لنا... دراهم عند الحانويّ ولا نقد جعل اسم الموضع حانية، ونسب إليه. السيرافي: والمعروف في الموضع الذي يباع فيه الخمر حانة -بلا ياء. فإن قلت: هل يطرد هذا الوجه؟ قلت: ظاهر كلام المصنف اطراده، وذكر غيره أن القلب عند سيبويه من شواذ تغيير النسب. قيل: ولم يسمع إلا في هذا البيت. وإن كانت ثالثة قلبت واوا مطلقا، فتقول في فتى وعصا: فتوي وعصوي، وإنما قلبت واوا في فتى، وإن كان أصله الياء لئلا تجتمع الكسرة، والياءات. وقوله: وأَوْل ذا القلب انفتاحا.................................. يعني: أن ياء المنقوص إذا قلبت واوا فتح ما قبلها كما تقدم تمثيله. واعلم أن فتح ما قبل الياء سابق على ما قبلها، وذلك أنه إذا أريد النسب إلى شج ونحوه، فتحت عينه كما تفتح عين نمر، وسيأتي. فإذا انفتحت قلبت الياء ألفا لتحريكها وانفتاح ما قبلها، فيصير شجى مثل فتى، تقلب ألفه واوا كما قلبت ألف فتى. فقد ظهر بهذا أن الياء لم تبدل واوا إلا بواسطة. فإن قلت: فما وجه فتح العين في قاض عند من قال: قاضوي، ونظيره من الصحيح لا تفتح عينه. قلت: هو نظير فتح لام تغلب عند بعض العرب، قال ذلك بعض النحويين. وقوله: ................ وفَعِل... وفُعِل عينهما افتح وفِعْل يعني: أن المنسوب إليه إذا كان ثلاثيا مكسور العين فتحت عينه في النسب، سواء كان مفتوح الأول كنمر، أو مكسور الأول كإبل، أو مضموم الأول كدُئل، فتقول في النسب إليها: نمري، وإبلي ودؤلي. فإن قلت: هل الفتح في ذلك على سبيل الوجوب أو على سبيل الجواز؟ قلت: بل على سبيل الوجوب، وقد نص على ذلك في شرح الكافية. وأما قوله في التسهيل: وتفتح غالبا عين الثلاثي المكسورة. فإنما أشار بقوله: غالبا إلى شذوذ قولهم في بنى الصعق: صعقي -بكسر الفاء والعين- وذلك أنهم كسروا الفاء إتباعا للعين، ثم استصحبوا ذلك بعد النسب شذوذا. قال الشيخ أبو حيان: فتح العين في ذلك واجب لا نعلم فيه خلافا إلا ما ذكره طاهر القزويني في مقدمة له من أن ذلك على سبيل الجواز. تنبيهات: الأول: لو سميت ببعد فالقياس في النسب إليه بعدي -بفتح العين. الثاني: لو سميت بيزر مخفف يزأر، بالنقل فيه وجهان. الثالث: فهم من اقتصاره على الثلاثي أن ما زاد على الثلاثة مما قبل آخره كسرة لا يغير، فاندرج في ذلك ثلاث صور: الأولى: ما كان على خمسة أحرف نحو جحمرش. والثانية: ما كان أربعة أحرف متحركات نحو جنَدل. والثالثة: ما كان أربعة وثانيه ساكن نحو تغلب. فالأولان لا يغيران، وأما الثالث ففيه وجهان أعرفهما أنه لا يغير، والآخر أنه يفتح، وقد سمع الفتح مع الكسرة في: تغلبي ويحصبي ويثربي، وفي القياس عليه خلاف، وذهب المبرد وابن السراج والرماني ومن وافقهم إلى أنه جائز مطرد، وهو عند الخليل وسيبويه شاذ. وفي شرح الصفار ما ملخصه: أن الجمهور قالوا: يجوز الوجهان، وأن أبا عمرو قال: الفتح شاذ، وظاهر كلام الخليل وسيبويه ما تقدم. وقد ظهر بهذا أن قول الشارح: "وإن كانت الكسرة مسبوقة بأكثر من حرف جاز الوجهان" ليس بجيد؛ لشموله الصور الثلاث، وإنما الوجهان في نحو تغلب. وقيل في المرميّ مرمويّ... واخْتِير في استعمالهم مرميّ قد تقدم عند قوله: "ومثله مما حواه احذف" أنه لا فرق عند أكثر العرب بين ما ياءاه زائدتان، وبين ما إحدى ياءيه أصلية. ونبه هنا على أن من العرب من يفرق بين النوعين فيوافق في الأول على الحذف فيقول في النسب إلى شافعي: شافعي، وأما النوع الثاني فلا يحذف ياءيه، بل يحذف الزائدة منهما ويقلب الأصلية واوا، فيقول في النسب إلى مرمي: مرموي. فإن قلت: هل يقاس على مرمي وما أشبهه؟ قلت: صرح الشارح بأنه لغة، قال: وهذه قليلة، والمختار خلافها، وهو ظاهر كلامه في شرح الكافية. وفي الارتشاف: وشذ في مرمي مرموي. فإن قلت: هذا البيت متعلق بقوله: ومثله مما حواه احذف. فهلا قدمه كما فعل في الكافية؟ قلت: لعل سبب تأخيره هذا ارتباط الأبيات السابقة، فكل منها أخذ بحجز تاليه، فلم يلق به غير التأخير، وليس كذلك في الكافية. ونحو حَي فتح ثانيه يَجب... واردده واوا إن يكن عنه قُلب إذا نسب إلى ما آخره ياء مشددة، فإما أن تكون مسبوقة بحرف، أو بحرفين، أو بثلاثة فصاعدا، فإن كانت مسبوقة بحرف لم يحذف من الاسم شيء عند النسب، ولكن يفتح ثانيه ويعامل معاملة المقصور الثلاثي، فإن كان ثانيه ياء في الأصل لم تزد على ذلك، كقولك في حي: حيوي، فتحت ثانيه فقلبت الياء الأخيرة ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم قلبتها واوا لأجل ياء النسب، وإن كان ثانيه في الأصل واوا رددته إلى أصله، فتقول في طي: طووي؛ لأنه من طويت. وإن كانت مسبوقة بحرفين فسيأتي حكمها، وإن كانت مسبوقة بثلاثة فأكثر فقد تقدم حكمها. وعَلَمُ التثنية احذِفْ للنسَبْ... ومثل ذا في جمع تصحيح وَجَبْ يحذف من المنسوب إليه أيضا ما فيه من علامة تثنية وجمع تصحيح كقولك في من اسمه: مسلمان أو مسلمون أو مسلمات: مسلمي، واثنان وعشرون ونحوهما من الشبيه بالمثنى والمجموع كذلك، فتقول فيهما: اثني وثنوي وعشري، وتقول في أولات: أولي. تنبيه: هذا الحذف إنما هو على لغة من يعرب المثنى والمجموع الذي على حده بالحرفين. وأما من أجرى المثنى مجرى حمدان، والجمع مجرى غسلين، فإنه لا يحذف، فتقول في اسمه: زيدان، على الأول: زيدي، وعلى الثاني: زيداني، وفي نصيبين، على الأول: نصيبي، وعلى الثاني: نصيبيني. وثالث من نحو طيِّب حُذف... وشذ طائي مقولا بالأَلِفْ إذا وقع قبل الحرف المكسور لأجل ياء النسب ياء مكسورة مدغم فيها أخرى، حذفت المكسورة كقولك في طيب: طيبي، وفي ميت: ميتي. فإن كانت الياء مفردة نحو مغيل، أو مشددة مفتوحة نحو هَبَيَّخ، أو فصل بينها وبين المكسور نحو مهيم -تصغير مهيام مفعال من هام- لم تحذف، بل يقال في النسب إلى هذه: مغيلي، وهبيخي، ومهيمي، لنقص النقل بعدم الإدغام، وبالفتح والفصل. وقوله: "وشذ طائي" يعني: أن قياسه طيئي كطيي، ولكن تركوا فيه القياس فقالوا: طائي بإبدال الياء ألفا. تنبيهات: الأول: ذكروا أن المحذوف من طائي الياء الثانية، فإن الأولى قلبت ألفا. وقال بعض المتأخرين: فيه نظر؛ لأن هذا الانقلاب لا يتعلق بهذا الباب، ومقتضى هذا الباب حذف الياء الثانية، وقد حذفت. قال: فوجه شذوذه أن يقال: حذفت الياء الأولى الساكنة وقلبت الثانية المتحركة ألفا، فطائي شاذ من حيث حذف الأولى، والقياس حذف الثانية. واعترض بأنه لو كان كذلك لم يكن القلب شاذا، وقد ذكر شذوذه في الإعلال، فالوجه أنهم حذفوا الثانية كما ذكرنا أولا، ولكن لما كان "هذا" القلب مختصا بحال النسب ذكروا شذوذه فيه. الثاني: قال أبو سعيد في كتابه المستوفي: وتقول في أيم: أيمي؛ لأنك لو حذفت الياء المتحركة لم يبقَ ما يدل عليها، قيل: وليس بتعليل واضح، ولو علل بالالتباس بالنسب إلى أيم لكان حسنا، وإطلاق سيبويه والنحاة يدل على أنه لا فرق بين نحو سيد وأيم. الثالث: لا فرق بين سيد ونحوه، وبين غزيل ونحوه -تصغير غزال- في الحذف فتقول: غزيلي. نص على ذلك غير واحد، وإن كان سيبويه لم يمثل إلا بغير المصغر. وفَعَلِي في فَعِيلَة التُزمْ... وفُعَلِي في فُعِيلة حُتِمْ مثال فعيلة حنيفة، فإذا نسبت إليها حذفت تاؤها وياؤها، وفتحت عينها، فيقال: حنفي، ومثال فُعيلة: جهينة، فإذا نسب إليها حذفت تاؤها وياؤها أيضا فتقول: جهني. تنبيهات: الأول: قوله: "التزم وحتم" ويعني: فيما لم يشذ، ويشذ من فعيلة سليقى في سليقة وسليمى في سليمة الأزد، وعميرى في عميرة كلب، والسليقى الذي يتكلم بأصل طبيعته معربا، قال الشاعر: ولست بنحوي يلوك لسانه... ولكن سُلَيْقِي أقول فأعرب وأشذ من ذلك قولهم: عبدي وجذمي، في بني عبيدة وجذيمة. لأن ما تقدم رجوع إلى أصل مرفوض، وأما الضم فلا وجه له. وشذ من فعيلة رديني في ردينة وحزيني في حزينة -وهو من أسماء البصرة. الثاني: لو سمي باسم شذت العرب في النسب إليه لم ينسب إليه إلا على ما يقتضيه القياس. الثالث: ما ذكر من أنه يقال في فعيلة فعليّ، وفي فعيلة فعلي له شرطان: الأول: عدم التضعيف، والثاني: ألا تعتل العين، واللام صحيحة. وسيأتي التنبيه على هذين الشرطين. وألحقُوا معل لام عَرِيَا... من المثالين بما التا أُولِيَا يعني: بالمثالين فعيلة وفعيلة، فإذا عريا من التاء وصارا على فعيل وفعيل، وقصد النسب إليهما، فإما أن يكونا معتلي اللام أو صحيحي اللام. فإن كانا معتلي اللام ألحقا بفَعيلة وفُعيلة في حذف الياء وفتح ما قبلها إن كان مكسورة فيقال في عدي وقصي: عدوي وقصوي. كما يقال في غنية وأمية: غنوي وأموي. فإن قلت: هل إلحاق عدي وقصي بما ختم بالتاء واجب أم جائز؟ قلت: صرح في الكافية بأن ذلك واجب، وصرح به الشارح أيضا، وذكر بعضهم فيهما وجهين: الحذف والإثبات، ولم يذكر سيبويه في عدي إلا الحذف. وذكر فيه الفارسي: وجهي عدي، ونقل عن يونس: الإثبات في عدي فتقول: عَدِيِّيّ. تنبيه: استثنى بعضهم من فعيل ما كان نحو كُسي تصغير كساء، فإن النسب إليه كُسَيِّيّ -بياءين مشددتين- قال: ولا يجوز غيره، وأجاز بعض النحويين كُسَوِي. وإن كانا صحيحي اللام فالمطرد فيهما عدم الحذف كقولهم في عَقيل وعُقيل: عَقيلي وعُقيلي، هذا مذهب سيبويه، وهو مفهوم قوله: "معل لام". وذهب المبرد إلى جواز الحذف فيهما، فالوجهان عنده مطردان قياسا على ما سمع من ذلك، وهو قولهم: قرشي وهذلي وصبري في بني صبير، وفقمي في بني فقيم كنانة، وأما فقيم دارم فلم يشذوا فيه، وملحي في مليح خزاعة، وأما مليح سعد فلم يشذوا فيه، وقومي في قويم، وسلمي في سليم، وقالوا في ثقيف: ثقفي. ووافق السيرافي المبرد وقال: الحذف في هذا خارج عن الشذوذ، وهو كثير جدا في لغة أهل الحجاز، قيل: وتسوية المبرد بين فعيل وفعيل ليست بجيدة؛ إذ سمع الحذف في فعيل كثيرا، ولم يسمع في فعيل إلا في ثقيف، فلو فرق بينهما لكان أسعد بالنظر. وتَمموا ما كان كالطويله... وهكذا ما كان كالجليله يعني: أن ما كان من فَعيلة وفُعيلة معتل العين صحيح اللام، نحو: طويلة ونويرة، أو مضاعفا نحو: جليلة وقُديدة، فإنه ينسب إليه على لفظه متمما، فتقول: طويلي ونويري، وجليلي وقديدي؛ فرارا من تحريك حرف العلة في المعتل، ومن اجتماع المثلين في المضاعف. تنبيهات: الأول: من هذا البيت يؤخذ الشرطان المشار إليهما فيما مضى. الثاني: الشرطان معتبران في فُعيلة وفَعيلة كليهما، ولا أثر لخصوصية المثال. الثالث: لم يذكر الشارح في فعيلة -بضم الفاء- إلا شرطا واحدا، وهو عدم التضعيف، وقال في فعيلة -بالفتح- إن لم يكن معتل العين، ولا مضاعفا، فأخل فعيلى بشرط. وأطلق في قوله: إن لم يكن معتل العين، وكان ينبغي أن يقول: صحيح اللام؛ لأن الشرط عدم مجموع الأمرين؛ ليحترز بذلك من نحو طوية وحيية، فإنه يقال فيهما: طووي وحيوي. الرابع: لم يذكر الناظم هنا فعولة نحو شنوءة والنسب إليها فعلي كالنسب إلى حنيفة فيقال: شنئي -بالشرطين المذكورين- هذا مذهب سيبويه، وذهب المبرد والأخفش إلى أن النسب "إلى" ذلك على لفظه، فيقال في حمولة: حمولي. وذهب ابن الطراوة إلى أنك تحذف الواو وتترك ما قبلها مضموما، فتقول: حملي. والصحيح مذهب سيبويه؛ لورود السماع في شئوءة، وفي الغرة: نسبة هذا المذهب إلى سيبويه والأخفش، وهو وهم. فإن قلت: كيف جعل سيبويه ذلك قياسا، ولم يرد غير هذه اللفظة؟ قلت: لأنه لم يرد ما يخالفها، وهذا معنى قول بعضهم؛ لأنها جميع ما سمع، فإن اعتلت عين فعولة نحو قوولة، أو كان مضاعفا نحو ضرورة لم تحذف منه الواو، وفعولة المعتل اللام نحو عدوة كشنوءة في حذف الواو، فتقول: عدوي، خلافا للمبرد، أنه يقول عدوي على لفظه، وتقدم أن مذهبه في شنوءة كذلك. وأما فعول -بغير تاء- فينسب إليه على لفظه باتفاق، فتقول في سلول وعدو: سلولي وعدوي. وهمز ذي مد يُنال في النسب... ما كان في تثنية له انتسب حكم الهمزة الممدودة في النسب كحكمها في التثنية، فإن كانت للتأنيث قلبت واوا، كقولك في حمراء: حمراوي. وإن كانت أصيلة سلمت، كقولك في قراء: قراءان، فتقول في النسب إليه: قرائي، وإن كانت بدلا من أصل أو للإلحاق فوجهان، كقولك في كساء وعلباء: كساءان وعلباءان، وإن شئت: كساوان وعلباوان. "فتقول في النسب إليهما: كسائي وعلبائي وكساوي وعلباوي". تنبيهات: الأول: مقتضى كلامه هنا أن الأصلية تتعين سلامتها، وصرح بذلك الشارح، فقال: وإن كانت أصلا غير بدل وجب أن تسلم، وذكر في التسهيل فيها الوجهين، وقال: أجودهما التصحيح. الثاني: قال في شرح الكافية: ما شذ في التثنية نحو كسايين، فلا يقاس عليه على النسب. وانْسُب لصدر جملة وصدر ما... رُكب مزجا................ المركب أربعة أقسام: إسنادي، وشبيه به، ومزجي، وإضافي. أما الإسنادي والشبيه به فينسب إلى صدره، مثال الإسنادي تأبط شرا فتقول فيه: تأبطي. ومثال الشبيه به لولا وحيثما -مسمى بهما- فتقول فيهما: لوي بالتخفيف وحيي، وقياس النسب إلى كنت: كوني، برد الواو لزوال سبب حذفها، وقالوا: كنتي، وكنتني -بزيادة نون- وكلاهما شاذ، وأجاز الجرمي النسب الثاني فتقول: شري، في تأبط شرا. تنبيه: قوله: "وانسب لصدر جملة" أجود من قوله في التسهيل: "ويحذف لها -يعني ياء النسب- عجز المركب" لأنه لا يقتصر في الحذف على العجز، بل يحذف ما زاد على الصدر، فلو سميت بخرج اليوم زبد، قلت: خرجي. وأما المزجي ففي النسب إليه خمسة أوجه: الأول: مقيس اتفاقا، وهو النسب إلى صدره، فتقول في بعلبك: بعلي، وكذا حكم خمسة عشر، فتقول: خمسي. الثاني: أن ينسب إلى عجزه، فتقول: بكي، وهذا الوجه أجازه الجرمي ولا يجيزه غيره، ولم يسمع إلى العجز مقتصرا عليه. الثالث: أن ينسب إليهما معا مزالا تركيبهما، فتقول: بعلي، بكي، وهذا أجازه قوم منهم أبو حاتم قياسا على قول الشاعر: تزوجتها رامية هرمزية........................ وظاهركلام أبي الحسن في الأوسط موافقته. الرابع: أن ينسب إلى مجموع المركب فقالوا: بعلبكي. الخامس: أن يبنى من جزأي المركب اسم على فعلل وينسب إليه، قالوا في حضرموت: حضرمي. وهذان الوجهان شاذان يقتصر فيهما على ما سمع لا نعلم في ذلك خلافا. وأما الإضافي فقد نبه عليه بقوله: ............................................. ولثمان تَمما إضافة مبدوءة بابن أو ابْ... أو ماله التعريف بالثاني وجب فيما سوى هذا انسبن للأول... ما لم يُخف لَبْسٌ كعبد الأشهل وحاصله أن المركب تركيب إضافة ينسب إلى عجزه في أربعة مواضع: الأول: ما كان مبدوءا بابن، نحو ابن الزبير، فتقول: زبيري. الثاني: ما كان كنية وإليه الإشارة بقوله "أو اب" فتقول في أبي بكر: بكري. الثالث: "ما تعرف" صدره بعجزه، ومثله الشارح بغلام زيد، فتقول: زيدي. الرابع: ما يخاف اللبس من حذف عجزه كعبد الأشهل وعبد مناف، فتقول فيهما: أشهلي ومنافي. وما سوى هذه المواضع ينسب فيه للصدر كقولك في امرئ القيس: امرئي ومرئي. تنبيهات: الأول: ظاهر كلامه في الكافية وشرحها أن المبدوء بابن من قبيل ما تعرف به الأول بالثاني. قال في شرحها: وإذا كان الذي ينسب إليه مضافا وكان معرفا صدره بعجزه، أو كان كنية حذف صدره ونسب إلى عجزه، كقولك في ابن الزبير: زبيري، وفي أبي بكر: بكري، انتهى. وكذا قال الشارح، إلا أنه زاد في المثل غلام زيد، وعلى هذا فقول الناظم: "أو ما له التعريف بالثاني" عن عطف العام على الخاص؛ لاندراج المصدر بابن فيه. وفي تمثيل الشارح بغلام زيد نظر؛ لأنهم يعنون بالمضاف هنا ما كان علما غالبا لا مثل غلام زيد، فإنه ليس لمجموعه معنى مفرد ينسب إليه، بل يجوز أن ينسب إلى غلام وإلى زيد، ويكون ذلك من قبيل النسب إلى المفرد لا إلى المضاف، وإن أراد غلام زيد مجعولا علما فليس من قبيل ما تعرف فيه الأول بالثاني، بل هو من قبيل ما ينسب إلى صدره ما لم يخف لبس. والله أعلم. والثاني: شذ بناء فعلل، من جزأي الإضافي منسوبا إليه، كما شذ ذلك في المركب المزجي، والمحفوظ من ذلك: تيملي، وعبدري، ومرقسي، وعبقسي، وعبشمي، في تيم اللات، وعبد الدار، وامرئ القيس بن حجر الكندي، وعبد القيس، وعبد شمس. واجبُرْ برد اللام ما منه حُذف... جوازا إن لم يك رده أُلف في جمعي التصحيح أو في التثنيه... وحق مجبور بهذي تَوْفِيَه إذا نسب إلى الثلاثي المحذوف، لم يخل من أن يكون محذوف الفاء أو العين أو اللام. فإن كان محذوف الفاء أو العين، فسيأتي. وإن كان محذوف اللام فإما أن يجبر في التثنية كأب وأخ، أو في الجمع بالألف والتاء كعضة وسنة، أو لا، فإن جبر فيهما وجب جبره في النسب فتقول: أبوي وأخوي وعضوي وسنوي أو عضهي وسنهي على الخلاف في المحذوف، فهذا ونحوه يجب جبره؛ لأن جبر في التثنية والجمع بالألف والتاء كقولك: أبوان وأخوان، وعضوات وسنوات، أو عضهات وسنهات على الوجهين، وإن لم يجبر في التثنية ولا في الجمع بالألف والتاء لم يجب جبره في النسب بل يجوز فيه الأمران نحو: حر وغد وشفة وثبة، فيجوز في النسب إليها: حري وغدي وشفي وثبي -بالحذف- وحرحي، وعدوي، وشفهي، وثبوي -بالرد- والمحذوف من الحر الحاء، ومن غد الواو، ومن شفة الهاء، ومن ثبة الياء. تنبيهات: الأول: ما ذكرته واضح فهمه من كلام الناظم، إلا أن ذكره لجمعي التصحيح فيه نظر؛ إذ لا تظهر فائدة لذكر جمع التصحيح المذكر، وقد اقتصر في التسهيل على الجمع بالألف والتاء. والثاني: أطلق في قوله: جوازا إن لم يك رده أُلف وهو مقيد بألا تكون العين معتلة، فإن كانت عينه معتلة وجب جبره كما ذكره في الكافية والتسهيل، وإن لم يجبر في التثنية وجمع التصحيح، احترازا من نحو شاة، وذي بمعنى صاحب، فتقول في شاة: شاهي، وعلى أصل الأخفش: شوهي، وقد حكي أنه رجع عنه وسيأتي بيانه، وفي ذي: ذووي اتفاقا؛ لأن وزنه عند الأخفش فعل كمذهب سيبويه. الثالث: إذا نسب إلى يد ودم جاز الوجهان عند من يقول: يدان ودمان، ووجب الرد عند من يقول: يديان ودميان. الرابع: إذا نسب إلى ما حذفت لامه وعوض منها همزة الوصل جاز أن يجبر وتحذف الهمزة، وألا يجبر وتستصحب، فتقول في ابن واسم: بنوي وسموي، على الأول، وابني واسمي على الثاني. الخامس: مذهب سيبويه وأكثر النحويين أن المجبور تفتح عينه وإن كان أصله السكون. وذهب الأخفش إلى تسكين ما أصله السكون، فتقول في يد ودم وغد وحر -على مذهب الجمهور: يدوي، ودموي، وغدوي، وحرحي بالفتح، وعلى مذهب الأخفش: يدي، ودميي، وغدوي، وحرحي -بالسكون- لأنه أصل العين في هذه الكلمات، والصحيح مذهب سيبويه، وبه ورد السماع قالوا في غد: غدوي، وحكي عن أبي الحسن أنه رجع في الأوسط إلى مذهب سيبويه، وذكره سماعا عن العرب. وبأخ أختا وبابن بنتا... ألحِقْ ويونس أَبَى حَذْف التا اختلف في النسب إلى أخت وبنت. قال الخليل وسيبويه كالنسب إلى أخ وابن - بحذف التاء ويرد المحذوف، تقول: أخوى وبنوى، كما تقول في المذكر، وقال يونس: ينسب إليهما على لفظهما ولا تحذف التاء، فتقول: أختي وبنتي، لأن التاء فيهما للإلحاق. والزمه الخليل أن ينسب إلى هنت ومنت - بإثبات التاء، وهو يقول به، وله أن يفرق بأن التاء فيهما لا تلزم، بخلاف بنت وأخت، لأن التاء في هنت في الوصل خاصة وفي منت في الوقف خاصة. تنبيهات: الأول: حكم نظائر أخت وبنت حكمهما وهي: ثنتان، وكلتا، وذيت، وكيت، فالنسب إليها عند سيبويه كالنسب إلى مذكراتها، فتقول: ثنوى، وكلوى، وذيوى، وكيوى، وعلى مذهب يونس تقول: ثنتى، وكلتى أو كلتوى، وذيتى، وكيتى. وذكر بعضهم في النسب إلى كلتا على مذهب يونس: كلتى وكلتوى وكلتاوى كالنسب إلى حبلى بالوجه الثلاثة. الثاني: ذهب الأخفش في أخت وبنت ونظائرهما إلى مذهب ثالث، وهو حذف التاء وإقرار ما قبلها على سكونه وما قبل الساكن على حركته، فتقول: أخوى وبنوى وكلوى وثنوى، وقياس مذهبه في كيت وذيت - إذا رد المحذوف - أن ينسب إليهما كما ينسب إلى حي، فتقول: كيوى وذيوى. الثالث: قد اتضح مما سبق أن أختا وبنتاً حذفت لامهما، لأن النحويين ذكروهما فيما حذفت لامه، فالتاء إذن فيهما عوض من اللام المحذوفة، وإنما حذفت في النسب على مذهب سيبويه لما فيها من الإشعار بالتأنيث، وإن لم تكن متمحضة للتأنيث. وظاهر مذهب سيبويه أن تاء كلتا كتاء بنت وأخت، وأن الألف للتأنيث، وعلى هذا ينبني ما سبق، وذهب الجرمي إلى ان التاء زائدة، والألف لام الكلمة، ووزنه فِعْتَل، وهو ضعيف، لأن التاء لا تزاد وسطاً، فإذا نسب إليه على مذهبه قلت: كلتوى: وقيل: إن التاء بدل من الواو، والأصل كلوى. فإذا نسب إليه على هذا القول قلت: كلتى، هكذا ذكر بعضهم. والمشهور في النقل عن جمهور البصريين أن التاء في كلتا بدل من الواو التي هي لام الكلمة ووزنها فعلى، وصرح ابن الحاجب في شرح المفصل بأن اصل كلتا عند سيبويه كلوي، ووزنه فعلى أبدلت الواو إشعارا بالتأنث تاء، وإذا كان هذا مذهب سيبويه والجمهور فالذي ينبغي أن يقال في النسب إليه: كلتي، كما تقدم عن بعضهم، وأيضا فلا ينبغي على هذا القول أن يعد فيما حذفت لامه؛ لأن ما أبدلت لامه لا يقال فيه: محذوف اللام في الاصطلاح، والإلزام أن يقال في نحو "ماء" محذوف اللام، والذي يظهر من مذهب سيبويه ومَن وافقه أن لام كلتا محذوفة كلام أخت وبنت، والتاء في الثلاثة عوض من اللام المحذوفة كما قدمته أولا، ولا يمتنع أن يقال: هي بدل من الواو، إذا قصد هذا المعنى، كما قال بعض النحويين في تاء بنت وأخت: إنها بدل من لام الكلمة، وأما إن أريد البدل الاصطلاحي فلا؛ لأن بين الإبدال والتعويض فرقا يذكر في موضعه. الرابع: النسب إلى ابنة ابنتي وبنوي كالنسب إلى ابن اتفاقا؛ إذ التاء فيها ليست عوضا كتاء بنت. وضاعِفِ الثاني من ثنائي... ثانيه ذو لين كلا ولائي إذا نسب إلى الثنائي وضعا، فإن كان ثانيه حرفا صحيحا جاز فيه التضعيف وعدمه، فتقول في كم: كَمِيّ، وكَمِّىّ، وإن كان ثانيه حرف لين ضعف بمثله إن كان ياء أو واوا فتقول في كي ولو: كيوي ولووي؛ لأن كي لما ضعف صار مثل حي، ولو لما ضعف صار مثل الدو، وإن كان ألفا ضوعفت وأبدل مضعفها همزة، فتقول فيمن اسمه لا: لائي، وإن شئت أبدلت الهمزة واوا، فقلت: لاوي. تنبيه: إذا نسب إلى اللات -اسم الصنم- قلت: لائي، ولاوي، كما ينسب إلى لا؛ لأن تاءه تحذف ولا يدرى ما لامه فعومل عاملة لا، هذا مذهب سيبويه. ومن زعم أن لامه هاء، وأن أصله ليه قال: لاهي، كما تقول: شاهي. وإن يكن كشِيَة ما الفا عَدِمْ... فجبره وفتح عينه التُزم تقدم الكلام على محذوف اللام، وذكر في هذا البيت محذوف الفاء، ولا يخلو محذوف الفاء من أن تكون لامه صحيحة كعدة أو معتلة كشية، فإن كانت صحيحة لم يجبر فتقول في النسب إلى عدة: عدي، وإن كان معتل اللام جبر برد فائه، فتقول في شية وشوي، على مذهب سيبويه؛ لأنه لا يرد العين إلى أصلها من السكون، بل يفتح العين مطلقا ويعامله معاملة المقصور، وتقول على مذهب أبي الحسن: وشيي -برد أصله- وجزم هنا بمذهب سيبويه. فإن قلت: فمن أين يؤخذ من كلامه اشتراط اعتلال اللام؟ قلت: من قوله: "كشية". تنبيه: بقي من المحذوف قسم ثالث لم يبين حكمه، وهو محذوف العين، فتقول: المحذوف العين إن كانت لامه صحيحة لم يجبر، كقولك في: سه ومذ -مسمى بهما- سهي ومذي، كذا أطلق كثير من النحويين، وليس كذلك، وهو مقيد بألا يكون من المضاعف، نحو: رب -المخففة- بحذف الباء الأولى- إذا سمي بها ونسب إليها، فإنه يقال: ربي -برد المحذوف- نص عليه سيبويه، ولا يعرف فيه خلافا، وإن كانت لامه معتلة نحو المري ويري -مسمى بهما- جبر، فتقول فيهما: المرئي واليرئي -برد المحذوف. والواحد اذكر ناسبا للجمع... إن لم يشابه واحدا بالوضع الجمع ثلاثة أقسام: قسم أهمل واحده كعباديد، وقسم له واحد شاذ كملامح فإن واحده لمحة، وقسم له واحد قياسي. فالأول: ينسب إليه بلفظه فتقول: عباديدي. "والثاني فيه خلاف؛ ذهب أبو زيد إلى أنه كالأول فنيسب إلى لفظه، فتقول: ملامحي". وحكي أن العرب قالت في المحاسن: محاسني، وغيره ينسب إلى واحده، وإن كان شاذا، فيقول في النسب إلى ملامح: لمحي. والثالث: إذا غلب نسب إلى لفظه فتقول في الأنصار والأبناء، وهم قوم من أبناء فارس: أنصاري وأبنائي، وإن لم يغلب نسب إلى واحده، فتقول في فرائض وكتب وقلانس: فرضي وكتابي وقلنسي، وقول الناس: فرائضي وكتبي وقلانسي -خطأ، وقد أجاز ذلك قوم، وذهبوا في قمري إلى أنه منسوب إلى الجمع من قولهم: طيور قمر، وكذا دبسي منسوب عندهم إلى طيور دبس، وهو عند غيرهم منسوب إلى القمرة -وهي البياض- وإلى الدبسة، ويحتمل أن يكونا مما بني على ياء مشددة نحو كرسي. هذا "التقسيم" في الجمع الباقي على جمعيته، فإن سمي به نسب إلى لفظه؛ لأنه صار واحدا، كقولك في كتاب وأنمار ومدائن ومعافر: كلابي وأنماري ومعافري. وقد يرد الجمع المسمى به إلى الواحد إن أمن اللبس، ومثال ذلك الفراهيد -علم على بطن من أسد- فقالوا: الفراهيدي على اللفظ، والفرهودي نسبا إلى واحده لأمن اللبس؛ إذ ليس لنا قبيلة تسمى بالفرهود. فإن قلت: إن كلام الناظم هنا لا يفي بهذا التفصيل؟ قلت: قوله: "إن لم يشابه واحدا" يمكن أن يجعل شاملا لثلاثة أنواع: أولها: نحو أنمار مما جعل علما. والثاني: نحو أنصار مما غلب فصار كالعلم. والثالث: نحو عباديد مما أهمل واحده؛ لأنه بسبب إهمال واحده شابه نحو قوم ورهط مما لا واحد له، وإذا كان كلامه شاملا لهذه الثلاثة فهو وافٍ بالمطلوب؛ لأن حاصله حينئذ أن الجمع لا ينسب إلى لفظه، بل إلى واحده إلا في ثلاثة مواضع، وهو صحيح. تنبيه: إذا نسب إلى نحو تمرات وأرضين وسنين باقية على جمعيتها قيل: تمري، وأرضي، وسنهي أو سنوي، على الخلاف في لامه، وإذا نسب إليها أعلاما التزم فتح العين في الأولين، وكسر الفاء في الثالث. ومع فاعِل وفَعَّال فَعِل... في نسب أغن عن اليا فقُبِلْ يستغنى عن ياء النسب بصوغ فاعل إن قصد صاحب الشيء، كقولهم: لابن وتامر أي: صاحب لبن وتمر، وبفعّال إن قصد الاحتراف، كقولهم: بزّاز وعطّار، وقد يقوم أحدهما مقام الآخر، فمن قيام فاعل مقام فعال قولهم: حائك في معنى حواك؛ لأنه من الحرف؛ ومن عكسه قول امرئ القيس: وليس بذي رمح فيطعنني به... وليس بذي سيف وليس بنبال أي: وليس بذي نبل. قال المصنف: وعلى هذا حمل المحققون قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}. أي: بذي ظلم. وقد يؤتى بياء النسب في بعض ذلك، قالوا لبياع العطر ولبياع البتوت -وهي الأكسية- عطار وعطري، وبتات وبتي. وقد يستغنى عن ياء النسب بفَعِل بمعنى صاحب كذا، كقولهم: رجل طَعِم ولَبِس وعَمِل بمعنى ذي طعام وذي لباس وذي عمل، أنشد سيبويه: لست بلَيْليّ ولكني نَهِر........................ أي: عامل بالنهار. تنبيهان: الأول: قد يستغنى أيضا عن ياء النسب بمفعال، كقولهم: امرأة معطار -أي: ذات عطر- ومفعيل. كقولهم: ناقة محضير، أي: ذات حضر، وهو الجري. الثاني: هذه الأبنية غير مقيسة، وإن كان بعضها كثيرا، هذا مذهب سيبويه. قال: لا يقال لصاحب الدقيق دقاق، ولا لصحاب الفاكهة فكاه، ولا لصاحب البر برار، ولا لصاحب الشعير شعار، والمبرد يقيس هذا. وغير ما أسلفته مقررا... على الذي يُنقل منه اقُتصرا يعني: أن ما جاء من النسب مخالفا للأقيسة المتقدم ذكرها، فهو شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، وبعضه أشذ من بعض، فمن قولهم في النسب في البصرة: بِصري -بكسر الباء- وإلى الدهر: دُهري -بضم الدال- وإلى مرو: مروزي، وإلى الري: رازي. ومن ذلك قولهم: عميري من عميرة كلب، وقد تقدمت أمثلة منه أثناء الباب.
|